المدخل | التعليق  الاسبوع  | الجديد في الاتجاهات  | افتتاحيات الصحف  | الاتصال بنا  | اشارات  | مقالات عبدالاله البياتي 

الطريق الديموقراطي

كنت قد رحبت بحرارة بمقال الوفاق "عملية التغيير وضرورات بناء المجتمع المدني"معتبرا ان الانتخابات النيابية الحرة والدورية هي الطريق لاي تغيير ينسجم مع مصلحة الشعب وان شعار الانتخابات ينبغي ان يكون احد الشعارات المركزية للوطنيين العراقيين.وبعد النقاش الذي اثاره الدكتور موسى الحسيني حول هذا الموضوع اود ان اساهم بهذه الملاحضات السريعة في هذا الحوار
انا مع الدكتور الحسيني في قوله ان الوضع في العراق يختلف عن الوضع في يوغسلافيا ففي العراق هناك دولة خنقت المجتمع وحلت محله,دولة تقرر للناس جميع جوانب حياتهم ولا تطيق اي تعبير اجتماعي خارجها بل وانها تتدخل حتى في مسائل الدين والهوية والضمير ومسائل المأكل والملبس والذوق الفني ناهيك عن مسائل الفكر والثقافة وحرية التعبير.وفي هذه الدولة حلت قيادة الدولة محل مؤسسات الدولة فاصبحت كل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مركزة في يد واحدة 
ولكن انطلاقا من هذا الواقع فانني ارى ان احد الوسائل الاساسية للوصول الى وضع مثل وضع يوغسلافيا هوتعبئة الحركة السياسية والشعبية حول مشروع انتخابات حرة ونزيهة للتأكيد ان الدولة ومؤسساتها وسياساتها يتبفي ان تنبع وتخضع للمجتمع وان الشرعية الوحيدة التي يمكن للدولة ان تملكها هي الشرعية الديموقراطية والارادة الشعبية الحرة
  ان النضال السياسي الناضج والبناء يجب ان يكون نضالا مطلبيا اي ان تحقق الحركة السياسية مطالبها في شكل وتركيب الدولة وسياساتها اما بتبني السلطات القائمة لهذه المطاليب واما تفيير السلطة بارادة شعبية واعية لتحقيق هذه المطاليب.فهذا الطريق هو الطريق الامثل لتطور الحركة السياسية والبلد.ان من يهمه فقط القفز الى السلطة لتنفيذ اغراضه الخاصة يمكنه ان يختار اي طريق .اما الوطنيين العراقيين الحريصين على مستقبل العراق وتطوره وتقدمه فعليهم الاستناد الى وعي الشعب وارادته فذلك هو الطريق لتعافي المجتمع وعودة السلام الاجتماعي والسير في طريق الاعمار والتقدم وليس هناك احسن من سلطة تشريعية منتخبة بحرية تستطيع مصالحة الدولة مع المجتمع ومصالحة الحركات السياسية مع بعضها ومع نفسها بسيادة الاحتكام الى الشعب كطريق للحوار 
ان الاتنخابات الدورية الحرة والنزيهة تحصن البلد الان وفي المستقبل ضد المشاريع والافكار العصبوية التي سادت في العراق في اوساط السلطة والمعارضة,هذه الافكار التي تتلخص في ان تستمد مجموعة من البشر شرعيتها من نفسها عندما تكون في المعارضة ومن بقائها في السلطة عند قفزها للسلطة دون ان يكون للمواطنين اي دور في حياة الدولة سوى التصقيق الاجباري وتنفيذ الاوامر.ان ذلك لا يتناقض مع بناء الديموقراطية التي تتيح التغيير السلمي والمتحضر لسياسات الدولة والتداول السلمي للسلطة وانما كذلك تشوه الدولة وتجعلها مطية للنزعات والاهواء والعصبيات الذاتية والشخصية والنفعية فلقد بدأنا بالزعيم الاوحد وانتهينا بالقائد الضرورة
ان مشروع الانتخابات قبل وبعد تحقيقه هو طريقة في التفكير تؤكد ان الدولة هي ملك لكل المواطنين يديرون من خلال مؤسساتها شؤونهم وهي ليست ملكا لطبقة او شريحة اجتماعية او  مجاميع سياسية فهي الوعاء الذي تتفاعل من خلاله ارادة كل المواطنين رجالا ونساء مما يجعل الانتخابات اساس الوحدة الوطنية والضابط الاساسي للعيش والتضامن المشترك لانها تثبت السلم الاجتماعي وتلغي افكار الثأر والانتقام والدم والسلاح والاضطهاد وتتيح للبلد تطوير تعبيراته المدنية وتقدمه الحضاري
كلنا يعرف ان القيادة الحالية في الدولة وفي حزب البعث لم تدرك ان مسئلة الديموقراطية هي مسئلة حياة او موت بالنسبة للعراق والامة بل وان اطلاق الحريات المدنية والسياسية هي اخر اهتماماتها فهي تعامل حتى حكمها هي ليس كلبنة لبناء المستقبل وانما كحالة طارئة واستثنائية ستنتهي برحيلها.ان هذ الواقع يفرض على الوطنيين العراقيين ان يعلنوا بوضوح كيف سيبنون المستقبل فالعراق ينزف دما وشبابا وعقولا واقتصادا ووحدته الوطنية معرضة للخطر ولحمته الاجتماعية قد تمزقت ولا يكفي ان نبحث عن المسؤول وانما  كذلك العمل لايقاف هذا النزيف واعادة بناء المجتمع ولهذا فان تغيير اشخاص السلطة واستبدالهم باشخاص من لون اخر لا يفي لوحده بالغرض فالمهم والجوهري هو تقيير شكل وتركيب الدولة والية عملها  
ان السلطة الحالية ستستطيع الاستمرار في نفس السياسات ما دام جهاز الدولة ينفذ ارادتها لذلك فان تغيير هذه السياسات متوقف على اقتناع جهاز الدولة او شرائح واسعة منه نان الديموقراطية وخطوتها الاولى الانتخابات الديموقراطية التي تنبثق عنها حكومة مسؤولة امام الشعب وممثليه ,لا امام هذه الطليعة او تلك ,هو خير لها وللعراق

نشر في جريدة الوفاق